قانون تجريم الاستعمار الفرنسي يفتح باب العدالة للشهداء والضحايا
يمثل المشروع المرتقب لقانون تجريم الاستعمار الفرنسي في الجزائر خطوة تاريخية نحو تحقيق العدالة للشهداء والضحايا، حيث يفتح الباب أمام ملاحقة كل من تورط في ارتكاب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية خلال الحقبة الاستعمارية المظلمة.
وأكد مصدر نيابي مطلع على تفاصيل المشروع القانوني أن النص يتضمن إمكانية متابعة الجنود والضباط الفرنسيين المتورطين في الجرائم بكافة أشكالها، خاصة جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية، من خلال ما أطلق عليه "تثبيت المسؤوليات".
جرائم لا تسقط بالتقادم
يستند المشروع القانوني إلى مبدأ أساسي يؤكد أن جرائم الاستعمار الفرنسي ضد الشعب الجزائري لا تسقط بالتقادم، كما يوجه تهمة "الخيانة العظمى" للحركى الذين حاربوا في الجيش الفرنسي ضد إخوانهم الجزائريين، هؤلاء الذين كرمتهم الدولة الفرنسية في محاولة لتبرير جرائمها.
وتعتبر هذه الخطوة رداً قوياً على قوانين العفو الفرنسية التي أصدرتها باريس في أعوام 1962 و1968 و1982 لحماية مسؤوليها وضباطها وجنودها من الملاحقات القضائية، بما في ذلك أعضاء منظمة الجيش السري الإرهابية التي سفكت دماء الجزائريين الأبرياء.
القانون الدولي يدعم الموقف الجزائري
تؤكد القوانين الدولية، وخاصة المادة 29 من نظام روما الأساسي، أن جرائم الحرب والإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم، مما يفتح المجال أمام محاكمة مرتكبيها في أي وقت بغض النظر عن مرور الزمن.
كما تدعم اتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية هذا التوجه، مما يضمن عدم إفلات المجرمين من العقاب.
محاكمات رمزية للمجرمين
لا يستبعد أن تشمل المحاكمات المرتقبة محاكمات رمزية للمجرمين من جيش الاحتلال الفرنسي ممن غادروا الحياة، وعلى رأسهم الضباط من غلاة "الجزائر فرنسية" مثل الجنرالات راؤول سالان وإدموند جوهو وجاك ماسو وموريس شال، الذين أسسوا منظمة الجيش السري الإرهابية.
التعويض حق مشروع
يتضمن المشروع القانوني بنداً أساسياً حول التعويض من خلال "ضرورة اتخاذ التدابير السيادية لتحميل الأطراف المسؤولية وتعويض الضحايا وذويهم"، خاصة فيما يتعلق بالتفجيرات النووية التي لا تزال آثارها المدمرة تقتل إلى اليوم بعد نحو ستة عقود.
وقد حاولت فرنسا في 2010 التخفيف من الانتقادات بسن "قانون موران" لتعويض ضحايا التجارب النووية، لكنها قيدته بإجراءات معقدة جعلته مجرد حبر على ورق، بل واصلت تعنتها برفض تسليم خرائط دفن النفايات النووية والكيميائية في الجنوب الجزائري.
هذا الموقف الفرنسي المتعنت، الذي يشمل رفض تنظيف أماكن التجارب النووية التي خلفت إشعاعات قاتلة، لا يمكن أن يصدر إلا من دولة مارقة تتنكر لمسؤولياتها التاريخية والأخلاقية تجاه الشعب الجزائري الذي عانى من جرائمها لأكثر من قرن.