تجريم الاستعمار: انتصار الجزائر على النفوذ الفرنسي
أكد الباحث حسني قيطوني من جامعة إكستر البريطانية أن قانون تجريم الاستعمار الفرنسي يعكس تراجع النفوذ الفرنسي في الجزائر، مشيرا إلى أن اليمين المتطرف الفرنسي لا يزال يعيش في عقلية ما قبل الاستقلال.
فشل فرنسا في التكيف مع الجزائر الجديدة
وقال قيطوني في تصريح لـ"الشروق" إن المشكل الأساسي مع فرنسا يكمن في رفض النخب الحاكمة هناك إقامة علاقات ندية مع الجزائر، حيث يعتبرون استقلال البلاد خسارة كبيرة لفرنسا ويرون ضرورة خضوع الجزائر بدلا من العلاقات المتوازنة.
وأضاف الباحث أن مصالح فرنسا ضاعت في الجزائر منذ 2019، موضحا أن فرنسا فقدت قوتها الاقتصادية والعسكرية ولم تعد دولة محورية بالنسبة للجزائر.
ميلاد نخب جزائرية معربة
وأرجع قيطوني هذا التحول إلى ميلاد نخب جزائرية لم تتلق تكوينها في فرنسا، مما ساهم في خلق رأي عام نخبوي يرى أن مصالح الجزائر لم تعد في فرنسا بل في دول أخرى مثل الصين وتركيا.
وأشار إلى أن أغلبية النخب اليوم أصبحت معربة، وأن البعض منها قرر ترك فرنسا إراديا بسبب الممارسات العنصرية والتضييق الممنهج في التشغيل والتعليم.
رسالة واضحة لباريس
وأوضح الباحث أن قانون تجريم الاستعمار في 2010 لم يمر لأن فرنسا كان لديها نفوذ قوي، أما اليوم فالوضعية اختلفت تماما حيث لم يعد لفرنسا نفوذ في الجزائر.
وحول الرسائل السياسية من هذا القانون، قال قيطوني: "ما دمتم ترفضون الاعتذار سنجابهكم بالقانون"، محملا مسؤولية تدهور العلاقات الثنائية لباريس.
نموذج للدول الأفريقية
وأشار المؤرخ إلى أن هذا القانون قد يفتح الطريق أمام بقية الدول التي تضررت من الاستعمار الفرنسي في أفريقيا، نقلا عن مختص كاميروني قال له: "الجزائر بالنسبة لنا شمس تنير لنا الطريق، لأنها الوحيدة التي أخرجت الاستعمار بالقوة العسكرية".
وخلص قيطوني إلى أن فرنسا لم تستفد من تجارب جيرانها الأوروبيين الذين اعتذروا عن ممارساتهم الاستعمارية، مؤكدا أن فرنسا ضيعت نفوذها في الجزائر إلى الأبد.