الأجهزة الأمنية السورية بين التحديات والإرث الجهادي
في ظل التحولات الجارية في سوريا، تشهد الأجهزة الأمنية الجديدة تحديات معقدة تتعلق بدمج الفصائل المسلحة وضمان الاستقرار الأمني. الهجوم الأخير على القوات الأمريكية قرب تدمر، والذي نفذه عنصر من الأمن السوري مرتبط بتنظيم داعش، يكشف عمق الإشكاليات الداخلية في المؤسسة الأمنية الناشئة.
تحديات الدمج والهيكلة
دعا الرئيس السوري أحمد الشرع قادة الفصائل المسلحة إلى حل تشكيلاتهم ودمجها ضمن مؤسسة عسكرية واحدة تحت مظلة وزارة الدفاع. وأعلن وزير الدفاع اللواء مرهف أبو قصرة دمج الوحدات العسكرية بهدف توحيد البنية العسكرية في إطار مؤسسي واحد.
لكن مراقبين يؤكدون أن وتيرة الدمج السريعة لم تترافق مع عملية تدقيق معمقة في الخلفيات الفكرية والسياسية للمنتسبين، ما أتاح انضمام عناصر تحمل توجهات سلفية جهادية إلى القوى الأمنية الجديدة.
التركيبة الحالية للقوات
يتشكل الجيش الجديد بشكل رئيسي من فصائل ذات خلفيات جهادية متنوعة، منها هيئة تحرير الشام التي بلغ عدد مقاتليها نحو 12 ألف مقاتل، إضافة إلى حوالي 3500 مقاتل أجنبي تم دمجهم لاحقا ضمن وزارة الدفاع.
كما يضم الجيش الوطني السوري السابق المدعوم من تركيا، الذي كان يضم نحو 35 ألف مقاتل موزعين على نحو 40 فصيلا، فيما تبقى توجهاته ودوره بعد سقوط النظام السابق غير واضحة.
قيادات ذات خلفيات جهادية
يضم الجيش السوري الجديد عددا من كبار القادة العسكريين الذين يمتلكون خلفيات جهادية، من أبرزهم وزير الدفاع مرهف أبو قصرة، القائد السابق في هيئة تحرير الشام، ونائب وزير الدفاع محمد خير حسن شعيب، ورئيس الأركان علي نور الدين النعسان.
مخاطر وتحديات مستقبلية
يحذر خبراء من أن الخليط القائم في القوى الأمنية الحالية من ضباط سابقين وقادة فصائل ومقاتلين أجانب يشكل قنبلة موقوتة، خصوصا وأن الفصائل الجهادية تتباين فكريا.
كما تثير عملية الدمج مخاوف من استمرار أنماط الانتهاكات السابقة تحت غطاء رسمي جديد، حيث وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان حالات قتل وإعدام ميداني وتجاوزات جسيمة بحق المدنيين والأقليات.
الحلول المقترحة
يدعو مراقبون إلى إنشاء آليات عدلية مستقلة وشفافة لمحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات، وفرض رقابة مدنية وقانونية صارمة على عملية دمج الفصائل، مع استبعاد المتورطين في انتهاكات من المناصب القيادية.
كما يقترح خبراء حل الوحدات المستقلة والجرد الشامل للسلاح والأفراد وإعادة هيكلة القوات البرية والجوية، مع التركيز على صياغة عقيدة وطنية غير حزبية أو دينية.
تبقى مهمة بناء عقيدة عسكرية موحدة وجيش سوري جديد مهمة طويلة ومعقدة، مرتبطة بمستقبل الدولة السورية وطريقة تعاملها مع المكونات الإثنية والعرقية، في ظل ساحة لا تزال غير مستقرة.