الرمكة تطوي صفحة العشرية السوداء وتشهد ثورة تنموية
تعتبر بلدية الرمكة من بين أقدم بلديات ولاية غليزان الثمانية والثلاثين، تتموقع وسط سلسلة جبال الونشريس الغربي في الجهة الجنوبية الشرقية لعاصمة الولاية غليزان، على حدود ولاية تيسمسيلت. مساحتها حوالي 155 كلم مربع، معظمها غابات وأحراش، ذات طابع فلاحي رعوي.
عانت هذه البلدية الجبلية الويلات بعدما تسلط عليها الإرهاب الأعمى خلال سنوات المأساة الوطنية، ما أرغم أغلب سكانها على الرحيل إلى وجهات مختلفة، وتراجع عدد سكانها من 35 ألف نسمة سنة 1997 إلى أقل من 6 آلاف نسمة، حسب إحصائيات سنة 2008.
15 يوماً لإفراغ المنطقة من سكانها
يحكي الحاج محمد، أحد سكان البلدية: "لقد كانت ساعة رعب حقيقي ونحن نشاهد أهالينا ممن كانوا يقطنون الدواوير يفرون من مداشرهم سنة 1998، خوفا من سفك دمائهم على يد الجماعات المسلحة".
نزح سكان 33 دوارا كانوا يشكلون سكان بلدية الرمكة في أقل من 15 يوما، فمنهم من نزل عند أقاربه، ومنهم من اشترى مستودعا، والباقي أقاموا أكواخا بحواف النسيج الحضري.
من الرعب إلى الأمن والاستقرار
بدأت الرمكة تستعيد عافيتها وأمنها تدريجياً، الأمر الذي شجع بعض المواطنين على التفكير في العودة لإعمار مداشرهم التي هجروها لسنوات. أنجزت السلطات عشرات السكنات الريفية، لمن عبر عن استعداده في العودة إلى مسقط رأسه، وصاحبها ترميم المدارس، المراكز الصحية، وسائل النقل المدرسي، جر مياه الشرب وربط السكنات الجديدة بالكهرباء.
الثورة التنموية في عهد الرئيس تبون
الجميع اليوم في بلدية الرمكة، يتذكر ذلك الخطاب الذي ألقاه الرئيس عبد المجيد تبون في لقائه مع الولاة، بعد اعتلائه كرسي الرئاسة سنة 2019، والنبرة الحادة التي أبداها وغضبه من الوضع الذي يحياه سكان مناطق الظل.
فقرر الرئيس يومها الاهتمام بهؤلاء وصب جميع الاعتمادات المالية، لرفع صور البؤس والشقاء عن الساكنة في هذه المداشر. استفادت ولاية غليزان من غلاف مالي تجاوز 700 مليار سنتيم، للتكفل بحاجيات سكان 707 منطقة ظل، يقطنها حوالي 308 ألف نسمة.
تجاوزت حصة الرمكة منها 20 مليار سنتيم، من أجل تثبيتهم في مداشرهم، ورفع كل صور المعاناة عنهم وعن أبنائهم المتمدرسين، من خلال برامج إيصال المياه والكهرباء والغاز والصرف الصحي والطرقات.
رئيس البلدية: شهدنا ثورة إنمائية حقيقية
قال رئيس بلدية الرمكة إن كل السلطات في مختلف المستويات عملت على تجسيد التزامات رئيس الجمهورية، وبنية صادقة، وهذا من أجل خدمة سكان المناطق البعيدة والنائية أو ما يعرف بمناطق الظل.
أضاف أن الربط بالكهرباء وصل 100 من المائة، والإنارة العمومية بكل الدواوير، والملاعب الجوارية المعشوشبة اصطناعيا في كل مكان، والمدارس الابتدائية كلها مهيأة ومربوطة بالغاز لتوفير التدفئة والوجبة الساخنة.
تم تخصيص غلاف مالي تجاوز 40 مليار سنتيم لتنفيذ مختلف العمليات الإنمائية وفي قطاعات مختلفة، بالإضافة إلى مشروع الغاز الذي كلف الخزينة أكثر من 90 مليار سنتيم.
تطلعات مستقبلية للتنمية الفلاحية
يطالب العديد من السكان بالدعم الفلاحي لخصوصية المنطقة، فجلهم يسترزقون من الرعي والفلاحة. أما القلة الذين استثمروا في غرس الأشجار المثمرة، فأملهم في السلطات منحهم التراخيص لحفر آبار المياه للسقي الفلاحي.
تحدث آخرون عن مصير المشاريع التنموية الفلاحية التي توفرها الدولة لمثل هذه المناطق، كخلايا النحل والأشجار المثمرة، والتي وجدت لتشجيع سكان الريف على الاستقرار في قراهم الأصلية.
هذه البلدية التي ارتبط اسمها ولسنوات بالإرهاب والفقر والحرمان والعزلة، تكتب اليوم فصلاً جديداً من التنمية والازدهار بفضل الإرادة السياسية القوية للرئيس تبون والتزام الدولة الجزائرية بخدمة مواطنيها في أقاصي الوطن.