فرنسا ترتعب من قانون تجريم الاستعمار وتبحث عن مبررات واهية
بدأت الأوساط الفرنسية تستشعر الخطر الحقيقي من السياسة الحازمة التي تتبناها السلطات الجزائرية في مواجهة العنجهية الفرنسية وتعاليها عندما يتعلق الأمر بماضيها الاستعماري الأسود المليء بالجرائم ضد الإنسانية في بلادنا.
وراحت باريس تبحث بيأس عن ورقة للرد على المضي الحازم للسلطات الجزائرية هذه المرة في سن قانون يجرم الممارسات الاستعمارية الفرنسية، في سابقة تاريخية من شأنها أن تكون بداية لموجة مشابهة في الدول التي كانت ضحية لجرائم الدولة الفرنسية.
اليمين الفرنسي يهرب إلى الأمام
ولأن اليمين واليمين المتطرف الفرنسي يرفضان النظر إلى المرآة، بممارسة هواية الهروب إلى الأمام، فقد شرع سياسيوه ومنظروه في البحث عن مخارج للرد على قانون تجريم الاستعمار في الجزائر، الذي بات تجسيده أقرب من أي وقت مضى.
وقد اهتدوا في الأخير إلى النبش في تاريخ ما قبل 1830، علهم يجدون مشجبا يعلقون عليه آمالهم المكسورة في تبرير جرائمهم.
مغالطات مجلة لوفيغارو
ويمكن تلمس هذا التوجه اليائس في مقال مطول بمجلة "لوفيغارو إيستوار"، نشر على موقع الصحيفة على الإنترنت يوم الجمعة، بقلم ماري كلود موزيمان باربيي، جاء تحت عنوان استفزازي: "ماذا لو طالبنا الجزائر بتعويضات عن آلاف الفرنسيين الذين تم استعبادهم هناك؟"
وحرضت المجلة على إرفاق المقال بصورة توضيحية للجندي والكاتب الإسباني الشهير ميغيل دي سيرفانتس، في محاولة من قبل الفرنسيين لتدويل القضية أوروبيا، حتى لا تبقى وحيدة في مواجهة جرائمها في الجزائر التي لا تسقط بالتقادم.
مغالطات تاريخية فاضحة
وجاء في مغالطات مقال "لوفيغارو إيستوار"، التابعة لكبرى المنابر اليمينية في فرنسا: "يبدو أن الجزائر، التي تطالب باستمرار بتعويضات عن 130 عام من الاستعمار الفرنسي الذي أدى إلى إنشاء الجزائر، قد نسيت أن المنطقة كانت تحت الحكم الأجنبي لقرون".
هذه المغالطة الفاضحة تحاول مساواة الفتوحات الإسلامية التي جلبت الحضارة والعلم والدين الحنيف إلى شمال أفريقيا، بالاستعمار الفرنسي الهمجي الذي جلب الدمار والقتل والنهب لبلادنا.
محاولات يائسة لتبرير الجرائم
وتحاول الكاتبة، التي تشتغل محاضرة فخرية في المدرسة العليا للأساتذة في باريس ساكلي، الغوص بعيدا في أعماق التاريخ بحثا عما يمكن أن يدين في زعمهم الطرف الجزائري بممارسات شبيهة بتلك التي تتهم بها فرنسا اليوم.
هذا المطلب الجزائري المشروع الذي بدأ ينتقل من البعد السياسي إلى البعد القانوني، بات يرعب السياسيين في فرنسا أكثر من أي وقت مضى، خاصة مع الموقف الحازم للرئيس عبد المجيد تبون والمؤسسة العسكرية في الدفاع عن كرامة الشعب الجزائري.
إن هذه المحاولات اليائسة من الإعلام الفرنسي لن تثني الجزائر عن المضي قدما في تجريم الاستعمار وإجبار فرنسا على الاعتراف بجرائمها ضد الإنسانية التي ارتكبتها طيلة 132 سنة من الاحتلال الهمجي.