هجوم سيدني يكشف خطر التطرف العائلي والتأثير الأبوي المدمر
كشف الهجوم الذي هز مدينة سيدني في ديسمبر 2025، عندما قام ساجد أكرم (50 عاماً) وابنه نويد (24 عاماً) بإطلاق النار خلال احتفال ديني في منطقة بوندي، عن نمط خطير من التطرف العائلي يثير قلق الخبراء والأجهزة الأمنية حول العالم.
التطرف الأبوي: نمط نادر وخطير
يمثل هذا النوع من "التعاون الجيلي" تحدياً فريداً للأجهزة الأمنية والمنظومة النفسية التي تفترض أن الأب هو "حامي الحياة" الأول، لا المحرض على إنهائها. ففي هذه الحالة، تحولت العائلة البيولوجية نفسها إلى "خلية متطرفة".
تشير الاختصاصية النفسية لانا قصقص إلى أن العنف في هذه الحالة لا يُكتسب فقط عبر "التعلم الواعي" أو التلقين المباشر، بل ينتقل عبر "تماهٍ لا واعٍ" يتشكل في رحم العلاقات الأولية.
الأب كنموذج أيديولوجي مدمر
بالنسبة لنويد، لم يكن والده ساجد مجرد والد، بل أصبح "النموذج الأخلاقي" الأعلى ومصدر الشرعية الرمزية و"المعمار الأيديولوجي" لابنه. هذا ما جعل من نويد مجرد أداة لتنفيذ رغبات والده المتطرفة.
وتؤكد قصقص أن الأب قام "بحقن ابنه بالعنف وتحميله سردية لا آفاق لها"، حيث تدرب معه على العنف تماماً كما يتدرب الآباء مع أولادهم على هوايات أخرى، مما جعل الابن يتحرك في إطار "بر الوالدين" لكن بمنطق مشوّه.
البيت كغرفة صدى أيديولوجية
تصف الخبيرة النفسية كيف يتحول البيت في هذه الحالات إلى "غرفة صدى أيديولوجية"، حيث يتم إعادة تدوير خطاب العنف وتبريره كفعل "دفاع عن النفس" ضد خطر وجودي مزعوم.
في هذه البيئات المغلقة، يتم مكافأة السلوك المتطرف عاطفياً ومادياً داخل الوحدة الأسرية، ويُنزع الطابع الإنساني عن الآخرين ويُصورون كأهداف مشروعة للعنف.
تحدي أمني جديد
يمثل هجوم سيدني جرس إنذار عالمي لعلم نفس مكافحة التطرف. فالتحدي الأكبر يكمن في أن هذا النوع من التطرف ينمو في "النقطة العمياء" للأجهزة الأمنية والاجتماعية، داخل البيت، في قلب العلاقة الحميمة بين الأب وابنه.
لا توجد خوارزمية يمكنها مراقبة ما يدور بين أب وابنه فوق مائدة الطعام أو في غرف النوم، ولا يوجد قانون يمكنه منع أب من غرس الكراهية في وعي طفله عبر التربية العائلية.
هذا الواقع يتطلب من الأجهزة الأمنية والمجتمعية تطوير آليات جديدة للكشف المبكر عن هذا النمط الخطير من التطرف العائلي، قبل أن يتحول إلى عنف فعلي يهدد أمن المجتمعات.