مراجعات فكرية ضرورية للنهوض بالأمة العربية
في زمن تتسارع فيه التحولات الجيوسياسية العالمية، نجد أنفسنا كعرب ومسلمين نتمسك بمسلمات فكرية قديمة تحتاج إلى مراجعة جذرية. فكثيراً ما نصدق الحديث عن "أزمات قادمة" و"مؤامرات محبوكة" ضدنا، لكننا نتجاهل حقيقة أن القوى الغربية تعيش بدورها أزمات عميقة.
الوهم الغربي ينهار
إن الغرب الذي طالما اعتبرناه قوة لا تقهر، يواجه اليوم تحديات جمة. أوروبا تنهار تدريجياً، والكيان الصهيوني ينفجر من الداخل كما نشهده في فلسطين المحتلة. حتى أمريكا، التي تقود هذا النظام، باتت تبحث عن القوة من خلال الحمائية والانكفاء على الذات.
في المقابل، نجد أن الصين تهيمن على السوق الأمريكية وتعتبر ثالث مالك لسندات الخزانة الأمريكية بأكثر من 688 مليار دولار. وتايوان تنتج 92% من الرقائق الأكثر تطوراً في العالم، ومع ذلك ما زلنا نصف منتجاتها بالرديئة!
مراجعات فكرية مطلوبة
يتطلب الأمر منا اليوم القيام بمراجعة شاملة لعدة مسلمات:
المراجعة الأولى: تجاوز عقدة المؤامرة
علينا استبدال فكرة أن الغرب يتآمر علينا بلا حدود، بفهم أنه يتحرك وفق مصالحه التي يمكننا التعامل معها كاستراتيجيات قابلة للمواجهة.
المراجعة الثانية: الثقة في قدرات الشرق
الشرق فرض نفسه من خلال قدراته الذاتية، وعلينا الانتباه إلى موجة التقدم القادمة من ماليزيا وإندونيسيا وإيران وتركيا، وحتى بعض البلدان الأفريقية الشقيقة.
المراجعة الثالثة: إدراك ضعف الغرب
الغرب نفسه يعترف بتآكله وشيخوخته، وباتت أجنحته تتصارع فيما بينها. أمريكا تبحث عن القوة من خلال الحمائية، وهذا دليل تراجع واضح.
المراجعة الرابعة: الإيمان بإمكانية الوحدة
يمكننا العودة إلى مشاريع الوحدة وإنجاز اتحادات ثنائية وثلاثية وإقليمية في السنوات القادمة، إذا ما توفرت العزيمة والإرادة والوعي.
نحو نهضة عربية حقيقية
إن عدم وعينا بهذه المسائل هو المدخل الأول لإبقائنا تحت السيطرة الغربية. لقد آن الأوان لنتخلى عن النظرة التبسيطية القائمة على أن مصيرنا مرهون وقدرنا محتوم.
علينا أن نثق في قدراتنا وإمكانياتنا، وأن نعمل على بناء مشاريع حقيقية للنهوض بأمتنا العربية والإسلامية، متعلمين من تجارب النجاح في الشرق ومستفيدين من ضعف الغرب المتنامي.