نتائج الفصل الأول تكشف تحديات جدية في منظومة التعليم الوطني
كشفت النتائج الأولية لاختبارات الفصل الدراسي الأول للموسم الدراسي 2025/2026 عن تحديات جدية تواجه منظومة التعليم الوطني، وهو ما يستدعي تدخلا عاجلا من السلطات التربوية لمعالجة هذا الوضع وضمان جودة التعليم للأجيال القادمة.
وتشير المعطيات المتوفرة إلى وجود صعوبات حقيقية في المواد الأساسية، خاصة في مراحل التعليم القاعدي، مما يطرح تساؤلات حول فعالية الإصلاحات التربوية المتتالية التي شهدها القطاع في السنوات الأخيرة.
تحديات في الطور الابتدائي تستدعي المعالجة العاجلة
في الطور الابتدائي، الذي يشكل الأساس لكامل المسار التعليمي، سجلت النتائج ضعفا واضحا في مهارات القراءة والفهم والكتابة في مادة اللغة العربية، حيث تحصل معظم التلاميذ على علامات تراوحت بين 7 و14 من 20.
كما سُجل تعثر في العمليات الحسابية الأساسية في مادة الرياضيات، بعلامات تراوحت بين 6 و11 من 20، مما يثير قلق المختصين حول قدرة التلاميذ على مواصلة مسارهم التعليمي بنجاح.
وأكد معلمون أن عددا معتبرا من تلاميذ السنتين الثالثة والرابعة ابتدائي يواجهون صعوبات في القراءة السليمة وفهم النصوص البسيطة، وهو ما ينعكس على بقية المواد.
مفارقة اللغة الإنجليزية تطرح تساؤلات تربوية
في مقابل هذا التعثر، شهدت مادة اللغة الإنجليزية، رغم حداثة إدراجها في هذا الطور، نتائج مقبولة نسبيا، حيث تحصل معظم التلاميذ على علامات تراوحت بين 15 و17 من 20.
هذه المفارقة تعكس تحولات ثقافية وإعلامية عميقة، لكنها تطرح في نفس الوقت إشكالية جعل اللغة العربية، لغة الهوية الوطنية، مادة محببة وقريبة من المتعلم.
المواد الفنية تنقذ المعدلات في المتوسط
في التعليم المتوسط، أظهرت النتائج اعتماد عدد كبير من التلاميذ على المواد الفنية والرياضة لرفع معدلاتهم النهائية، حيث تحولت مواد التربية الفنية والموسيقى والتربية البدنية إلى "طوق نجاة" أنقذ التلاميذ من الرسوب.
وسجل التلاميذ ضعفا في اللغات الأجنبية والرياضيات، بعلامات تراوحت بين 1 و14 من 20، بالإضافة إلى تعثر في مادة العلوم الطبيعية بنقاط تراوحت بين 10 و15 من 20.
هذا الواقع خلق ما يسميه المختصون بـ"المعدل المنفوخ"، حيث ينتقل التلميذ إلى مستوى أعلى دون امتلاك الكفاءات القاعدية اللازمة.
الثانوي يكشف الفجوات المتراكمة
في الطور الثانوي، ظهرت الفجوات المتراكمة بوضوح، حيث سجلت الشعب الأدبية نتائج وُصفت بالكارثية، خاصة في اللغات الأجنبية والفلسفة، مع ضعف في التحليل وفقر لغوي وعجز عن التعبير الكتابي.
أما الشعب العلمية، فرغم احتفاظها بتفوق نسبي، إلا أنها شهدت تراجعا مقلقا في الرياضيات، المادة التي تُعد العمود الفقري للتخصصات العلمية والتكنولوجية.
ضرورة المعالجة الشاملة
لا يمكن قراءة هذه النتائج بمعزل عن السياق العام، المتمثل في تأثير الوسائط الرقمية والتغيرات المتسارعة في البرامج والضغط النفسي على التلميذ والاكتظاظ في الأقسام، مع نقص التأطير أحيانا.
هذا الوضع يستدعي تدخلا عاجلا من الوزارة الوصية لوضع استراتيجية شاملة تهدف إلى تحسين جودة التعليم وضمان تكوين أجيال قادرة على مواجهة تحديات المستقبل وخدمة الوطن.