تحذير: تبادل الأدوار الأسرية يدمر شخصية الأطفال
تشهد العائلات الجزائرية اليوم خللا خطيرا في التوازن التربوي، حيث انتقلت السلطة من الوالدين إلى الأولاد. هؤلاء الذين باتوا فجأة مخولين بفرض آرائهم وتمرير قراراتهم على البابا والماما، وكأنهم هم اللي يربوهم مش العكس.
هذا الوضع يفسر كيفاش الطفل المدلل في عصر التكنولوجيا والانفتاح يقدر بسهولة يكتشف أساليب الابتزاز ويطبقها باش يروض اللي حوله.
التخلي عن القيادة يخليك تابع
الوالدين عندهم زمام القيادة داخل الدار، باعتبارهم المسؤولين على تربية الأولاد وتلقينهم القيم والأخلاق ومسار السلوك. هذه المسؤولية ما تنحملش بلا حزم وصرامة، وإلا كثير من الأولاد اللي يكتشفوا ضعف في شخصية الوالدين، يسهل عليهم الاستيلاء على القيادة.
عقلية التمكين اللي يروج لها بعض المنادين بما يعرف بالتربية الإيجابية عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل، رسخت عند الأطفال والمراهقين ما يعرف بالاستعلاء التربوي، حين يحس الولد بأنه متفوق على والديه في الذكاء والخبرة التكنولوجية.
واقع تصادمت معه السيدة صورية: "قبل الولادة، اتفقت مع راجلي على تطبيق التربية الإيجابية. حضرنا دورات وقرينا كتب، وبدينا ننشئوا ولدنا الوحيد على القيادة من الصغر، نستشيروه في شؤون الدار ونأخذوا برأيه في القرارات."
"ببلوغه السابعة، بدينا نعيشوا نتائج سلبية برشا. بعد معاناة من العناد وفرض الرأي، صار علينا نواجهوا نوبات غضبه والمقاطعة والابتزاز، ومن واجبنا الانقياد وراه."
الدلال والتساهل في التربية يفلت أخلاقهم ويضعف شخصياتهم
كي يتربى الطفل من صغره على الدلال، تنفذ كل طلباته وتلقى كلمته آذان مصغية في جميع الحالات، تبنى عنده شخصية متمركزة حول ذاته. وتدريجيا، يصبح غير قادر على تقبل توجيهات الأهل، متمردا على جميع القيم التربوية.
تقول الأخصائية النفسية نادية جوادي: "هؤلاء الأطفال اللي ما جربوش المنع، المتعودين على قيادة أوليائهم والسيطرة عليهم، يصعب عليهم مواجهة الحياة الاجتماعية والتأقلم معها. يجدوا صعوبة في تقبل الآخر لأنه ما يسيرش دائما وفق خططهم."
"فيزيد ضغطهم على الوالدين لأنهم أكثر ناس يقدروا يسيطروا عليهم. بالتالي، هم أقوياء متجبرين في ديارهم، ضعاف منهزمين في مجتمع ما يقدمش نفس التنازلات المعتادة."
لست تسدي جميلا
غياب الحوار وعدم الاطلاع على أسس التربية السليمة، يؤدي بالوالدين إلى أخطاء جسيمة في معاملة الأولاد، ما تقدرش ترجع عليهم إلا بنتائج سلطة مقلوبة.
يعترف السيد رابح بحسرة ومرارة: "خدمت باش نوفر لولدي ثروة محترمة، وكنت نعامله كصاحب، لأنه البكر والذكر الوحيد. نشاوره في أدق المواضيع ونخليله حرية التصرف."
"كي كنت نتنازل ونمشي وراه مش من شك، وإنما خوف على مشاعره ومن رد فعله. ما درّبتوش على الصبر وما علمتوش المثابرة. اعتقد هو وخواتاتو إننا كوالدين موجودين في حياتهم باش نخدموهم ونلبيوا الطلبات فقط."
"كبروا الجميع نسبيا، وولينا نطمعوا نجنيوا ثمار هذه التربية، فما لقيناش غير شباب يمارسوا علينا سلطة معنوية وحتى مادية. ولدي اللي كان يستعمل الصراخ والتمرد في صغره، ولى يعاقبنا بالغياب المفاجئ ويهيننا بوقاحة."